كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



هل يعقل أن يقول المسيح: آمنوا بإ نجيل الله وفيه الخلاص واكرزوا به للخليقة كلها ثم يكون من هذا الإنجيل كلام يصف الإمساك بالمسيح والصلب والدفن وما إلي ذلك من أحداث!!!.
وقد وصف الله تعالي كل كلام يأتي من عند غيره بأنه لابد أن يكون فيه اختلاف قال تعالي: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: من الآية 82].
ولذلك فإن هذه الأناجيل الأربعة ستجد فيها كلاما عن صلب المسيح وإدخاله القبر، وستجد فيها كلام صريحا عن نجاته من الصلب بل وحدوث ما أشار إليه القرآن من الشك والظن والاختلاف في واقعة صلب المسيح المزعومة وهذا ما سنذكره مدعما بالنصوص.
المسيح في طلب من الله النجاة والله يستجيب لقد علم المسيح أصحابه قاعدة عامة هي كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه. (متي 21.22).
ولا يعقل أن يعلم المسيح أصحابه هذه القاعدة ويكون هو خارج دائرة تطبيقها!!!
ولهذا وخر علي وجهه وكان يصلي قائلا يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذا الكأس. (متي 93 /6 2).
فقد صلي وطلب من الله النجاة وهو الذي علم أصحابه كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه- يجب ألا تشك أبدا في أنه نال النجاة.
والأمر لم يقف عند هذا الحد بل تعداه إلي الصراخ والدموع والتضرعات إلي الله فجاء بالنص إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له من أجل تقواه رسالة بولس إلي العبرانيين أصحاح 5 عدد 7، أي تهديد هذا الذي دعا المسيح الله أن يخلصه منه إن لم يكن التهديد بالموت صلبا وقتلا!!!، فما معني أن يطلب يسوع من الله الخلاص من الموت وسمع له!؟ المعني الوحيد الذي يقبله العقل أن الله تعالي نجاه من الصلب والقتل لأن هذه تضرعات إنسان مهدد بالقتل.
بل يعرض علينا إنجيل لوقا كيف كانت توسلات المسيح إلي الله طالبا النجاة فيقول: وإذا كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة علي الأر ض. (لوقا 22.44).
صراخ وبكاء وصلاة ودموع ألا يسمع له الله مع ذلك؟ لقد أثبتت النصوص أن الله تعالي استجاب له وحقق له السلامة.
إن الله تعالي لا يسمح أبدا بقتل رسوله المسيح لأنه تعالي عاب علي الإسرائيليين قتل الأنبياء، نحن نريد عاقلا يقول لنا كيف يسمع الله تضرعات المسيح لإنقاذه من التهديد ثم بعد ذلك يصلب ويقتل.
الاستجابة:
واستجاب الله للمسيح وسمع له فكانت النتيجة: سلام أترك لكم سلامى أعطيكم. (يوحنا 27 /14).
قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام. (يوحنا 33 /1 6).
وقبل وقائع الصلب المزعوم وما قبله من أحداث قال المسيح لأصحابه وأما الآن فأنا ماض إلى الذي أرسلني وليس أحد منكم يسألني أين تمضي. (يوحنا 5 /1 6).
وقد جاء بالنص: مكتوب أنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك وأنهم علي أياديهم يحملونك لكي لا تصطدم رجلك بحجر. (لوقا /4.1).
فهل الذي يحفظ رجله من أن تصطدم بحجر يسمح بأن يعلق علي الصليب وتدق في يديه المسامير ويطعن جنبه بالحربة!؟.
إن ذلك كله يتناقض مع ما جاء في وصف المسيح ولا رأي جسده فسادا. (أعمال الرسل 31 /1).
أليس دق المسامير والطعن بالحربة في الجسد لون من الفساد!؟
والنجاة واضحة في هذا النص فطلبوا أن يمسكوه فخرج من بين أيديهم. (يوحنا.1 6 /1).
وأيضا، فرفعوا حجارة ليرجموه أما يسوع فاختفي وخرج من الهيكل مجتازا في وسطهم. (يوحنا 51 /8).
بطرس المنكر!!!
كمقدمة لابد أن تعرف مكانة بطرس ومنزلته عند المسيح وأعطيك مفاتيح السماوات فكل ما تربطه بالأرض يكون مربوطا في السماوات وكل ما تحله في الأرض يكون محلولا في السماوات. (متي 1 9- 1 8 /1 6).
ويصرح بطرس إلي المسيح ويقول ولو اضطررت أن أموت معك لا انكرك.وهكذا قال ايضا الجميع. (مرقص 14:31).
فماذا بعد هذه الشهادة لبطرس من المسيح وماذا بعد هذا العهد من بطرس للمسيح!؟ لما سألوا بطرس هل تعرف المسيح؟... فأبتدأ حينئذ (بطرس) يلعن ويحلف أني لا أعرف الرجل. (متي 74 /2 6).
يعني لا أعرف الرجل الذي أمسكتموه للصلب كمقدمة لابد أن تعرف مكانة بطرس ومنزلته عند المسيح ويصرح بطرس إلي المسيح ويقول: ولو اضطررت ان اموت معك لا انكرك.وهكذا قال ايضا الجميع. (مرقص 14:31) فماذا بعد هذه الشهادة لبطرس من المسيح وماذا بعد هذا العهد منبطرس للمسيح!؟ لما سألوا بطرس هل تعرف المسيح؟ يعني لا أعرف الرجل الذي أمسكتموه للصلب.
طريق الخلاص كما بينه المسيح:
ليس فيه الإيمان بالموت الكفاري علي الصليب هذه أدلتنا:
أولا: في بداية دعوة المسيح جاء يسوع إلي الإنجيل يكرز ببشارة ملكوت الله ويقول قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالإنجيل. (مرقس 15- 14 /1). والإنجيل الذي طلب المسيح من قومه الإيمان به ليس فيه الصلب والصليب والموت الكفاري لأن كل هذه الأشياء وردت في أناجيل لم يكن أصحابها قد ظهروا بعد، بل بعضهم جاء بعد المسيح.
ثانيا: في إنجيل متى الإصحاحات الخامس والسادس والسابع سرد المسيح كل الوصايا التي يجب الإيمان بها للوصول إلي ملكوت الله وليس من بينها علي الإطلاق الإيمان بالموت الكفاري علي الصليب.
ثالثا: بين المسيح الطريق إلي الحياة الأبدية بوضوح تام فجاء الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله الحياة الأبدية. (يوحنا 5.14).
وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته. (يوحنا أصحاح 3 /17).
رابعا: بين المسيح الوصية التي هي أول كل الوصايا وذلك لما سأله الكاتب آية وصية هي أول الكل؟ فأجابه يسوع: إن أول كل الوصايا هي أسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد وتحب الرب من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك هذه هي الوصية الأولي.
وليس فيها الإيمان بالموت الكفاري علي الصليب، ثم قال المسيح: وثانية مثلها هي تحب قريبك كنفسك ليس وصية أخري أعظم من هاتين. (مرقس12 عدد 31- 3 0- 2 9- 2 8).
تري هل يمكن أن تكون الوصية بالأيمان بالموت الكفاري علي الصليب أعظم من هاتين!!!؟؟؟ القول بذلك اتهام للمسيح عليه السلام.
خامسا: وعد تلاميذه قائلا: الحق أقول لكم إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان علي كرسي مجده تجلسون أنتم أيضا علي اثني عشر كرسيا. (إنجيل متى أصحاح 19 عدد 28)، وذلك برغم أن التلاميذ الإثني عشر الجميع تركوا المصلوب وهربوا بل ومنهم من أنكره بل ومنهم وهو يهوذا الذي باعه بثلاثين من الفضة فلم يكن التلاميذ مؤمنين بالموت الكفاري.
سادسا: كيف يطلب المسيح منهم الإيمان بالموت الكفاري وهو الذي دعا الله تعالي أن ينجيه من هذا الموت وسمع له من أجل تقواه، وهو الذي قال أن نفسي حزينة جدا حتى الموت بل قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له من أجل تقواه كما جاء في العبرانيين 5/7 وتكرر منه طلب النجاة من هذا الموت فكيف يأمر بالإيمان به ويجعله طريق الخلاص.
ولكنكم تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله. (يوحنا 40 /8)
ويقول (مرقس 13 /16) عن المسيح: وبعد ذلك ظهر بهيئة أخري أي تغيرت صورته.
وقال بولس في رسالته لأهل غلاطية (1 /3): أيها الغلاطيون الأغبياء من رقاكم حتى لا تذعنوا للحق انتم الذين امام عيونكم قد رسم يسوع المسيح بينكم مصلوبا، أي شبه لهم هروب!!!
وهو هنا هروب عجيب لأنه هروب جماعي كما قالت النصوص: حينئذ تركه التلاميذ كلهم وهربو. (متى 56 /26).
فتركه الجميع وهربوا. (مرقس 50 /14).
والأشد عجبا أن كون من بين الهاربين من ألفوا إنجيلا كاملا عن المسيح!!! وإلا فما تعنيه كلمة كلهم في النص السابق تركه التلاميذ كلهم وهربوا وما الذي تعنيه كلمة الجميع فيما ذكره مرقس فتركه الجميع وهربوا.
أحيانا أصحاب المبادئ الأرضية يقاتلون من أجل مبادئهم حتى الموت وكثيرا ما سردت علينا الأسفار قصص المؤمنين من أتباع الرسل وكيف آثروا الموت والاستشهاد من أجل إيمانهم والدفاع عن الرسل والرسالات التي جاءوا بها فهل يعقل أن يكون المسيح وحده هو الأسوأ حالا فيتركه جميع أتباعه ويهربون!!!؟؟؟ العقل يقول الجميع تركوا المعلق علي الصليب وتخلوا عنه وهربوا لأنه ليس المسيح وذلك هو الشيء الوحيد الذي يحمي جميع تلاميذ المسيح من وصف الارتداد والكفر وأيضا هذا التخلي المطلق والهروب يعني شيئا آخر فهل كان المسيح الوحيد من بين الرسل الذي ساء حظه فباعه أحد تلاميذه واثاني أنكره والباقون تركوه وهربوا!!!؟؟؟ برغم أنه رسم لهم خطة المعركة المحدودة وخصص لهم أماكن الدفاع وأمرهم أن يبيعوا ثيابهم ويشتروا سيوفا استعدادا للدفا ع، إن كل ذلك يوحي بأن الشخص الذي أمسكوا به ليصلبوه لا يستحق الدفاع عنه لأنه ليس المسيح.
المسيح يرفض تسليم نفسه ويستعد لمعركة دفاعية وهل الذي يسلم نفسه طائعا مختارا يأمر تلاميذه بالاستعداد للجهاد وشراء سيوف ويتحري عدد الأسلحة الموجودة بل ويأمر أصحابه أن يبيعوا ثيابهم ويشتروا سيوفا بثمنها، فقال لهم: لكن الآن من له كيس فليأخذه ومزود كذلك ومن ليس له فليبع ثيابه ويشتر سيفا. (لوقا 36- 35/ 22).
بل ويتحرى المسيح الدقة ويسأل عن عدد الأسلحة الموجودة فكانت الإجابة فقالوا: يا رب هو ذا هنا سيفان. فقال: لهم (يسوع) يكفي. (لوقا 2 8/ 22).
ونحن هنا نسأل: يكفي... لماذا؟
لا شك أن كل ذلك استعداد لمعركة محدودة معركة دفاعية ضد الذين أرادوا الإمساك به، وفعلا بدأت المعركة وإذا واحد من الذين مع يسوع مد يده واستل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه. (متى 51 /26).
وذلك ردا علي الذين قالوا هي سيوف روحية! وقد وزع يسوع قواته المحدودة للدفاع عنه فخصص مدخل البستان لثمانية من تلاميذه ثم أخذ معه بطرس وابني زبدي... فقال لهم...: امكثوا هاهنا واسهروا معي. (متى 38- 37/ 26) فماذا يعني ذلك كله!؟ شراء سيوف وتخصيص أماكن للدفاع واستعداد لمعركة ألا يتعارض ذلك مع قولهم سلم نفسك طائعا مختارا!!!؟؟؟
يهوذا المظلوم:
ولابد أن تعرف مكانة يهوذا بين هذه الجماعة اليسوعية فيهوذا هو الأمين علي مالية الجماعة كلها وصندوق ماليتها تحت تصرفه، فقد جاء بالنص الصندوق مع يهوذا. (يوحنا 29 /13).
وكان يمكن ليهوذا لو كان محبا للمال أن يختلس المالية كلها ويفر هاربا.
وهناك سؤال مطلوب الإجابة عليه، ما الدافع ليهوذا لتسليم المسيح هل هو عدم الإيمان بالمسيح؟ ذلك شيء مستبعد بعد معاصرته للمسيح ومشاهده المعجزات التي أتي بها وقربه من المسيح الذي أدي إلي ائتمانه علي مالية الجماعة كلها.